
فإذا أراد الناس أن يكونوا في واقعهم مرتبطين بالمنهج من دون رموز، من دون أعلام، هنا تكون هناك قابلية كبيرة لعملية التحريف والتضليل، يعني من أتى على الناس وقرأ عليهم نصوصًا دينية (قَوْلَبَهَا) كما يشاء، لديه قدرة في (قَوْلَبَة) النصوص والتلعُّب بها، أو إنزالها في غير محلها، في غير مصاديقها، تقبَّلَ الناسُ منه.. وهنا ينجح الآخرون في عملية التحريف إلى حدٍّ كبير، ويستطيعون أن يُحَوِّلُوا من عملياتهم التضليلية والتحريفية إلى معتقدات، وأفكار، ومفاهيم، وثقافات يصبح لها جمهورها الواسع المؤمن بها، المقتنع بها، المتحرك على أساسها، تُدَرَّس في مدارس، تُكْتَب لها كتب، تُنَزَّل في محاضرات وهكذا. وتصبح ثقافةً سائدة وقد تمشي عليها أجيال، جيل بعد جيل وهكذا. لتمتد عبر الزمن، ويتدين الناس بها، يتدين الناس بضلال وباطل ويعتبرونه قربةً يتقربون به إلى الله سبحانه وتعالى.
لذلك العملية الدينية المشروع الديني في أساسه، هو دين الله الحكيم، دين الله الذي هو أحكم الحاكمين، والله سبحانه وتعالى جعل دينه في معالمه، في ركائزه، في طبيعة المشروع نفسه على النحو الذي يضمن سلامته، سلامته للأجيال، سلامته للبشرية، فللدين رموزه،(إهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )(الفاتحة:6] في الوقت نفسه (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)[الفاتحة:7] هؤلاء الرموز هؤلاء الأعلام الذين هم للدين تَرْجُمَانُه، ولسانه، وهم مصاديقه العملية في الواقع، هم تَرْجُمَانُه وهم يُبيّنون، وهم تَرْجُمَانُه وهم يعملون، فنستفيد منهم في معرفة المفاهيم الصحيحة للدين فيما بيّنوا فيما بلَّغُوا فيما قالوا فيما تحدّثوا، وكذلك فيما فعلوا في أعمالهم في سلوكياتهم في مواقفهم في تصرفاتهم، نستفيد منها كذلك نجد فيها المصاديق الحقيقية للمفاهيم الدينية والخطاب الديني.
اقراء المزيد